الاثنين، 9 نوفمبر 2020

عن أطياف الأزقة المهجورة


"مثقفي الهوى"

لم استطع قراءة الرواية بعيدًا عن تركي الحمد كل التفاصيل تشير لشخصية كاتبها 

بدأت الحكاية في "العدامةأشد جذبًا؛ لأنها تناولت شيء من الذكريات السياسية للمنطقة، والفترة الزمنية التي تغيب عن ذاكرتنا حاليًا..وكيف أن التنظيمات الحزبية يصل أثرها 

وتأثيرها حتى لطلاب الثانوية، في ذلك الوقت !

استطيع تصور التوجهات التي كانت سائدة : اليسار، الناصرية، الشيوعية.


لكن في الجزء الثاني من الحكاية تحولت إلى الرياض "الشميسياقتصرت على الأحداث الشخصية.. ومحورها هو وبطولاته الواهية كـصايع ومدلل وبعيد عن الله، 

وأيضا كرجل يفتقر للحس العاطفي وميّال للمادية.. ولم يتناول في هذا الجزء أحداث التيار الصحوي كما توقعت!

مالفت انتباهي، هو ومع أنه يعيش حرية غير مألوفة إلا أن حياته تفتقد الاستقرار الطبيعي والقوة وحتى للمعنى... كانت حريته سلبيه، وكأنه كان مهوسًا بتوثيق 

تفاصيل انحلاله ومغامرات صباه

الرواية تفتقر لصراحة والعفوية إلا نادرًا.. 


في "الكراديبستبدأ تفاصيل سجنه وهذا يحمسني على استمرار قرأتي لسيرته 

_كل ماهو ركيك في الرواية أُخذ لتجسيده في مسلسل العاصوف ..! 

 .....


في "الكراديبتبدأ أحداث قصة أكثر واقعية وأعمق 

يصنف هذا الجزء من أدب السجون وقد وفّق في نقل تفاصيل الاعتقال وخبايا السجون 

"الحلم و مكتب التحقيق وعصا جلجل واضراب المساجين ونقاشاتهم ولحظة الافراج

لا تقارن بالأجزاء الأولى كان فيها واضحًا وأكثر نضجا وهذا ماقاله عن نفسه 

"لقد انضجته لحظات الكراديب".. 

كأنها جسدت كل نقص في شخصيته وأعادت خلقه من جديد!. استطاع الوصول لذاته 

المغيبة والغوص في جوف أفكاره دون الوصول لضفة الأخرى... هدأته ليالي الخوف 

وساعات التأمل والألفة الجبرية


تستحق هذه الرواية دراسة تطور شخصية البطل وفكر كاتبها نفسه، الفوضوية التي تعم سيرته وضياعه الفكري وحتى وصوله لما هو عليه الآن ! كيف لم تُأثر به تلك التحولات والحماسة السياسية السائدة في ذلك الوقت وترجمها كهزيمة في شخصيته؟.. كيف تكوّن هذا الميلالشديد لتطرف ومعادات المجتمع والانكفاء على الذات بتصور أن هذا جزء من تفوقه العقلي ونباهته، رغم تصريحه كثيرا في روايته الاخيرة تأرجح أرائه وضبابيتها..إلا بصدفة !

على اعتبار أنه يمثل ويتزعم طائفة كبيرة من الليبراليين السعوديين.. 

وهم يرون الآن تباشير ماكانوا يدعون

السبت، 17 أكتوبر 2020

في الحضيض تزدهر آمال السيادة

     فجاجة البدايات وسذاجتها كانت قادرة على احتضان فرص عظيمة
لتكوين الثراء والسلطة والنفوذ في مستقبل مجهول وغريب يصور الكاتب مثلًا كيف أن مقام الامير كان بالنسبة لمجتمع معدَم ومنحط وفي بدايات تشكله الحضاري، له طبيعة ملائكية والقرب منه مثل الوصول للجنة .. واستمرت هذه الوصمة كطبيعة اجتماعية وتقليدية لاهل الرياض
    وهذا ما يناقض بالمقارنة واقع مجتمع الجزيرة العربية في نهايات التاريخ الجاهلي، اذ بدأت ملامح النضج العميق لاستقبال عهد الرسالة المحمدية !
    جميلة الرواية لمن يستطيع تأمل الواقع المرسوم فيها واستقراء التاريخ وتجاوز الانحطاط والقبح المصور فيها
لا أريد ان انصح بها رغم أنها لاتخلوا من قيمة
على الاقل هي تعبر عن ذوقي.
فحين تريد ايصال رسالة أو الوصول إلى العناصر الأولية لمجتمع ما.
لاتغفل عن عنصر الصدمة، حتى لو كانت مقززة !
"فمن علامات خصوبة التربة سريان الدود بها"
    ولا اعتبر في هذه الرواية تهويشا ومقارعة للمطاوعة، بقدر ماهي وصف 
لسوء المرحلة التي كانوا فيها كلهم على حد سواء
يطغى على الرواية الاسلوب الرجولي، كثير من الاحداث اليومية وقليل من الاحساس بها.

السبت، 4 مايو 2019

هانس كريستين أندرسن.. إنه أنا !


      هانس كريستيان أندرسن كاتب دنماركي عُرف بكتاباته لحكايات الأطفال وهي كذلك! إلى أن تسقط بين يديك في حاله حزن .. فتعيدك بعدها أكثر نضجاً، استطيع الآن أن اسمي قصص أندرسون بالقصص الفلسفية وذلك يقاس بحكمة أكبر كلما وافق سعة اطلاعنا.

     في قصة ملكة الثلج والتي يخيل لي أنها أجمل مرويه تناولت إشكالية التضاد في الوجود في معالجة لتناقضات التي يعيشها المرء في خياله وعقله، حاول هانس أندرسن أن يصور العقل المنطقي والعقل العاطفي (_بشيء من التطرف_ الخير والشر).

     في رحلة جيردا للبحث عن كاي الفتى الذي أصيب بشظية من زجاج _زجاجة كانت مرآه لخطة شيطانية تهدف لسخرية من الملائكة ومن الله إشارة إلى"الشك"_ في عينيه، أبقته في حاله من أضطراب وذكاء حاد حُرم فيها الدفئ والطمأنينه وفي حالات اخرى يخيل لي انه وصل للاكتئاب، حتى أصبح تحت سيطرة ملكة الثلج التي كانت أيضا تحظى بذكاء فطري، وكما وصفها الغراب "أنها كانت تقرأ كل الصحف وتنساها في اليوم التالي إلى هذه الدرجة كان ذكائها" وهذه الفكرة يصور فيها هانس أن النسيان جزء مهم من عمل العقل وطبيعة الذكاء أحيانا..

     في المقابل كانت جيردا تمر في حالة من الصدمة العاطفية التي قادتها إلى المعرفة، المعرفة بدافع "الإيمان" فلا يكون الإيمان صادماً إلا في حالة الفقد وقد تجرعت جيردا ذلك في رحلتها؛ مارة بصنوف المخلوقات على إختلاف أحوالهم ومراميهم ولم تتركهم دون أن يكونوا أبطالا حقيقيين في ذاكرتها وذاكرتهم..

     إذا كانت جيردا تنظر للوجود من منظور أفقي فيما كان كاي يصعد مستويات خطرة من النشاط العقلي.  قاده لمحاولة حل أحجية "الخلود" التي كانت ملكة الثلج تسعى لها لكن وصول جيردا حال دون ذلك.
     كاي في كلا الحالتين فاعل، سواء مع ملكة الثلج أو جيردا. وهذا تفسير لدور الانثى في تصور هانس.

لماذا نقرأ القصص الخرافيه ؟
-نقرأها حتى نستريح
-الاستغراق بالخرافه لتخلص من فائض الفهم.. لتمرين على المراوحه والذهاب والإياب
-لمجاملة عقلك واستمالته.
-يستهلك هذا الفهم في مواضع أجدها من خلاله ويخفف وطأته.
-يشاركني نسيان تداعي الواقع والشعور المستهلك والتجربة العامة.

وبعد ذلك لاتحدثوني عن سعة الإدراك التي لاتبقي ولاتذر
لقد منحتني الخرافة هذه القوة.. وأورثني الفهم ذاك الندم.. وهكذا من الضد إلى الضد
احتميت بهانس كريستين أندرسون وآخرين.. كانوا مظلتي.. كل خردة وكل حيوان وكل جنّية تَمَثل بها هانس أثارت شجوني.. هذه الأيام أتذكر الخدر كم كنت أشفق عليه.. بدأ بالقصه ممل وروتيني ورزين لم يستطع أحد فهمه !
لكل من استهان بتبشيري بتلك القصص.. لاتدري شدة حذري وعمق مراعاتي !

*المهم هذا الكتاب أصيل؛ لدرجة إعادة ترميم كل حكاية روية  لنا ونحن صغار حتى كبرنا بدافع من أمالها..
والمدهش أن ابطالنا لم يكونوا أبطال حقيقيين بل شخصيات تشبهنا متوحدة وحزينة ومهزومة
وهكذا شعرت أني أخرجت كل قصة خرافية من تحريفهم..أو أخرجتني هي من أوهامي.

الاثنين، 17 أكتوبر 2016

هل ما عشت هو شعور مكثف، أم تجربة حيه؟


قد تمر حياة أي واحد منا بظروف لاتعود فيها الأشياء كما كانت، يصبح لوقع الأحداث رتم عادي لايحرك شيء، ليست بمستوى الحروب لكن أثرها بمستوى ذلك.

الدفتر الكبير "الوقوف على الحدود الصعبه

يقول كونديرا "الحد هو جرعة التكرار القصوى المسموح بها في كل شيء"

قرأت كل مايخص هذه الكاتبه من فرط إعجابي بعملها هذا. أرى في حياتها وأدبها نقطة ملفتة عبرت عنه في لقاءها حين سُئلت عن موضوع العنف والطفولة والقمع؛ هل مازالت تشغل بالك ؟ قالت "كلا ماعدت حتى أفكر فيها"، وهذا هو الأسلوب الذي كتبت به أغوثا. تقول أغوثا -بعد أن تبرأت من قصائدها العاطفية- ، "صرت أبحث عن الجفاف عن أكبر قدر من البساطة". 

كانت الكتابة والحياة بالنسبة لها قائمة على المحو.. كانت تحذف سنوات عمدا من عمرها..حين نقترب من الصفر لانعود بحاجة للجمع ولكن لتخلي فكان هذا هو معدن تجربة أغوثا الإنسانية والروحية وفلسفتها.. 

كتبت روايتها" الدفتر الكبير" بعبارات موجزة وقصيرة حتى لا أكاد أسمي حالتي تلك قراءة وإنما كنت استجيب لقرأتها لي .. وكأن البياض النقي المتروك في نظر القارئ ضوضاء كثيفة. لاتتكلف كثيرا في كتابة عبارة قصيرة لترسم شخصياتها العائمة بخفة توجز لك الأحداث بسطحية مربكة. 
تعبر عن أفكارها بإيحاء العنف العفوي من واقع تجربة الحرب وتربط بينهما بعاطفة البشاعة المتخيلة .. أجرت كل هذا بعين طفلين !! 

لم تختر أن تعالج قضايا مثل الحرب والعنف والفساد بل أنها تقبلتها، أختارت أن تكتب كل ما عانته من قسوة كشيء مقبول من أجل أن تنسى ....
لم تكن تحل المشكلة بل ببساطة نقلتها لتتخلص منها، كان موقفها هذا واضح وصريح أمام المتحذلقين أصحاب الحلول السهلة.
أغوثا لم تكتب عن الصورة المألوفة للحرب عنه كأزمة وقضية بل أنها أختارت أن تتوقف عند حدود أثره الاجتماعي والنفسي فقط . 
ليست كل المشاكل بحاجه لحل بعضها بحاجة فقط إلى النسيان .. أظن أن الكتابة قد تخدم النسيان أكثر من الذاكرة...
في بعض الأحوال تنعدم قيمة الصواب والخطأ وهذا ليس خلالاً بل هو الوضوح أن تكون قادر على تبرير كل شيء، بظاهر الفكرة هو شيء سيئ لكن قد نحتاج لهذا 
"الجميع يعوزهم كل شيء أما نحن والجدة فلا شيء يعوزنا" 

وقع بين يدي كتاب أغوثا وأنا في شطط وخفة جعلتني أرى الحياة أو ما قد أراه باستيعاب طفولي. فباركتني كلماتها بالجفاف نزلت علي روايتها مثل شهاب تتلقى الكوارث بعدها ببدهية. 

أغوثا تكتب بمزاج فنان أي قارئ يمكن أن يعلم عدم أهمية الصدق فيما تقول، وأن كل الحكايات التي وقفت على حدودها الصعبة كانت أدوات لإيصال معنى عميق أبلغ من مظاهره الشاذة. 

في "الكذبة الثالثه" أنكرت ماعرفته ونَسيت.. 
أظنها فكرت بهذا السؤال " هل ماعشته هو شعور مكثف أم تجربة حيه؟
أغوثا تسكن في شقة الآن ولا أحد يكاد يعلم عنها شيء ولاتريد هي أن تتذكر.. 

أنا ممتنه لها بكثير من الأفكار الجوهرية التي جعلتني أقترب منها علمت من خلال كتاباتها كيف "أننا لانصل إلى معنى إلا بكمال ضده"وأن" تناوب التضاد يخلق نتيجه قيمة في المعالجة أحيانا" وأن هناك أشكال كثيرة من المتضادات لكنها تنطلق كزوجين متقاربين في المعنى"

عن أطياف الأزقة المهجورة

" مثقفي   الهوى" لم   استطع   قراءة   الرواية   بعيدًا   عن   تركي   الحمد   كل   التفاصيل   تشير   لشخصية   كاتبها   بدأت   الحكا...